فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( عن عبد الله الداناج )
بتخفيف النون وآخره جيم هو لقبه ومعناه العالم بلغة الفرس , وهو في الأصل داناه فعرب , وعبد الله المذكور تابعي صغير , واسم أبيه فيروز , وذكر البزار أنه لم يرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن غير هذا الحديث , ووقع في روايته من طريق يونس بن محمد عن عبد العزيز بن المختار عنه سمعت أبا سلمة يحدث في زمن خالد القسري في هذا المسجد وجاء الحسن أي البصري فجلس إليه , فقال أبو سلمة : حدثنا أبو هريرة " فذكره , ومثله أخرجه الإسماعيلي وقال " في مسجد البصرة " ولم يقل خالد القسري , وأخرجه الخطابي من طريق يونس بهذا الإسناد فقال " في زمن خالد بن عبد الله أي ابن أسيد أي بفتح الهمزة وهو أصح فإن خالدا هذا كان قد ولي البصرة لعبد الملك قبل الحجاج بخلاف خالد القسري .
قوله : ( مكوران )
زاد في رواية البزار ومن ذكر معه " في النار , فقال الحسن : وما ذنبهما ؟ فقال أبو سلمة أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول وما ذنبهما " قال البزار لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه انتهى . وأخرج أبو يعلى معناه من حديث أنس وفيه " ليراهما من عبدهما " كما قال تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) . وأخرجه الطيالسي من هذا الوجه مختصرا . وأخرج ابن وهب في " كتاب الأهوال " عن عطاء بن يسار في قوله تعالى ( وجمع الشمس والقمر ) قال : يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في النار , ولابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه موقوفا أيضا , قال الخطابي : ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك , ولكنه تبكيت لمن كان يعبدهما في الدنيا ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلا .
وقيل إنهما خلقا من النار فأعيدا فيها . وقال الإسماعيلي : لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما , فإن لله في النار ملائكة وحجارة وغيرها لتكون لأهل النار عذابا وآلة من آلات العذاب وما شاء الله من ذلك , فلا تكون هي معذبة . وقال أبو موسى المديني في " غريب الحديث " لما وصفا بأنهما يسبحان في قوله : ( كل في فلك يسبحون ) وأن كل من عبد من دون الله إلا من سبقت له الحسنى يكون في النار وكانا في النار يعذب بهما أهلهما بحيث لا يبرحان منهما فصارا كأنهما ثوران عقيران .