OKBA NAMOUS المدير
عدد المساهمات : 579 تاريخ التسجيل : 22/09/2009 العمر : 34 الموقع : https://nassebrezina.yoo7.com
| موضوع: هال نحس ثم ندرك ؟ السبت أكتوبر 24, 2009 11:47 am | |
| **************************** **************************** بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هل نحس ثم ندرك ؟ مقدمة: إذا عرفنا الإدراك على أنه عملية تأويل الإحساسات، هل هذا يعني أننا نلتقط الموضوعات كإحساس خالص، ثم يتدخل العقل لكي يؤوّلها و يحوّلها إلى إدراك ؟ لكن إذا نظرنا في إحساساتنا وجدناها يتخللها الإدراك مهما كان بسيطا ، هل هذا يعني أننا بمجرد أن نحس ندرك في نفس الوقت ؟ و تغيب بذلك فكرة الإحساس الخالص ؟
التحليل: يرى ديكارت ممثل المدرسة التقليدية في علم النفس، أن الإدراك أحكام يضفيها العقل على الإحساسات التى تسجلها لنا حواسنا، و الإدراك الذي هو معرفة غير خاصية الحواس، و إنما عمل عقلي بحت، إننا نحس ثم ندرك. فعندما نسمع صوتًا حادا يصلنا من النافذة، يكون هذا سوى إحساس خالص، لكن عندما نؤوله فنقول أنه صوت دراجة نارية فهذا إدراك. ان الإحساس عند الطفل الصغير لا يتخلله أي إدراك أو تفسير للموضوعات، فهو يسجل الإحساس عم طريق أعضائه الحسية لكنه عاجز عن تحويلها إلى إدراكات، لغياب العملية العقلية عنده. إنه يحس لكنه لا يفهم ما يحس به. كذلك ميز علم النفس الترابطي بين الإحساس و الإدراك. فالمعرفة عند أصحابه عملية ربط بين الإحساسات الأولية و الخبرات. فإدراك البعد الثالث أو العمق عند باركلي (1683/1753) يحدث نتيجة ربط بين إحساس اللمس أو البصر. فالطفل الذي يمد يده ليمسك بالأشياء، يستطيع ان يدرك عن طريق الربط بين حركة اليد و الصورة أن هناك بعدا ثالثا. كذلك يرى آلان (1868/1951) أن المكعب الذي لا تعطي لنا الحواس إلا تسعة أضلاع من بين أضلاعه الإثني عشر، و ثلاثة سطوح من بين سطوحه الستة، ندرك على رغم من ذلك أنه مكعب، و هذا دليل على أن الإدراك يرجع إلى العقل، و ليس إلى الحواس. و يكون الإدراك بذلك عملية عقلية تختلف تماما عن الإحساس، بل تليه لكي تفسره و تأوله. و إذا كان الإدراك معرفة ترجع إلى العوامل الذاتية."الإحساس ليس معرفة "
غير أن بعض المفكرين يرون ان الحديث عما يراه أرسطو إحساس خالص، ليس سوى حلم علماء النفس التقليديين، فالإحساس الخالص عند مارلو بونتي (1908/1961) ليس خاصية الشعور، فالأحمر و الأخضر مثلا ليس إحساسين " إنما محسوسين يقعان أمام عيني لكنهما ليسا أنا "
هذا ما ذهبت إليه النظرية الجشطالتية أو نظرية الصورة في ألمانيا، و التى ترى ان الإنسان بمجرد أن يحس يدرك في نفس الوقت، و لا وجود لأي فاصل زمني بين الإحساس و الإدراك، مما ينفي دور الذاكرة في عملية الإدراك. الإدراك ليس عملية تركيب، كما ترى الترابطية، بل بالعكس إحساسات تحددها خاصية الكل و قوانين تنظيم الأشكال و عامل الشكل و الأرضية، إن العالم ليس غامضا كما تتصور النظرية الذهنية (التي ترى أن العقل هو الذي يفسره) بل النظام الموجود في الموضوعات التى تنقله لنا الحواس، فيكون كال إحساس إدراكا في نفس الوقت. فإذا نظرنا إلى مجموعة من النقاط المتقاربة فيما بينها، فإننا لن ندرك النقاط كل واحدة على حدة، بل ندرك سلسلة من النقاط، وإذا أزلنا نقطة واحدة بعد كل نقطتين متتاليتين، فإننا ندرك أزواجا من النقاط. وما يقال عن المدركات المرئية يقال أيضا على المدركات الصوتية و الأنغام الموسيقية. إن الصيغ القوية هي التى تجذب الانتباه. و إذا كان لكل صيغة في الواقع شكلا له إطار خاص، فإننا ندرك الصورة حسب قوة الشكل و الأرضية. و أخيرا الدليل أن عملية الإدراك ترجع للحواس و ليس للعقل، إننا لا نشعر بأي مجهود عقلي عند الإدراك.
يرى بيار جاني أن الجشطالت وقعت في الخطأ الحسي التقليدي الذي وقع فيه أصحاب الحس المشترك، الذين يعتقدون أن المعرفة تصلنا عن طريق الحواس التى تنقلها لنا من الواقع. ويكون الإدراك عندهم نقلا مباشرا لهذا الواقع كما يقول برادين، و يختزل دور العقل إلى عملية تصوير للواقع، و يزول كل تمييز بين المحسوس و المعقول، كما يرى غيوم. يقول جاني:"هل يمكن أن نقول أنني أدرك نصا مكتوبا باللغة الصينية بمجرد أنني أشاهد أشكالا على الورقة ؟".
ان القول بوجود الإحساس الخالص قول ميتافيزيقي لا مبرر له في الواقع. و ان حالات الأطفال الصغار، و المرضى التى تبين أن الإحساس و الإدراك حالتان متميزتان، لا يمكن تعميمها على الإنسان الناضج. كل إحساس يتخلله إدراك مهما كان بسيطا، و لقد غاب على جاني أننا إذا كنا لا ندرك المعنى الذي تحمله الأشكال و الكلمات، فعلى الأقل ندرك أنها مكتوبة بلغة صينية لا نستطيع قراءتها. أكيد ان هذا الإدراك اقل وضوحا من إدراك الذي يتم فيه فهم اللغة و قراءة الكلمة، الا انه يبقى دائما إدراكا. إننا لا نحس و ندرك في نفس الوقت، غير أن الإدراك درجات، فكلما نزلنا في سلم الإدراك اقتربنا من الإحساس، وكلما ارتفعنا كانت المعرفة أوضح، أعلاها عند ليبنز الإدراك الواعي المميز و الواضح، و أدناها الإدراك المبهم الذي سماه بالإدراك غير المحسوس، و سماه البعض الآخر بالإحساس المصحوب بالانتباه. أما إذا نظرنا إليهما من حيث الطبيعة، يكون الإحساس انفعالا، و يكون الإدراك معرفة. و هذا التمييز في الطبيعة بين الإحساس و الإدراك لا يعني الفصل بينهما، بل هما صورتان لعملية واحدة لا يمكن الفصل بينهما، و إن كانتا ليستا متطابقتين. بل هما عملية واحدة، إذا نظرنا إليها من الوجهة الانفعالية كانت إحساسا، و إذا نظرنا إليهما من الوجهة العقلية كانت إدراكا.
الخاتمة: هكذا نستنتج أننا نحس و ندرك في نفس الوقت و ان كان الإدراك درجات.
********************************** ********************************** عقبة ناموس ثانوية الشهيد امحمد قنيبر بريزينة ********************************** ********************************** | |
|
zukofa
عدد المساهمات : 5 تاريخ التسجيل : 09/11/2009
| موضوع: شكر الإثنين ديسمبر 28, 2009 10:51 am | |
| شكرا اخي على هذا الموضوع الرائع | |
|